تشكلت جمعية دراسات المرأة والحضارة لخدمة هدف أساسي هو بناء حقل لدراسات المرأة من الداخل الحضاري الإسلامي. وذلك في لحظة تاريخية شهدت اهتماما عالميًا واسعًا على المستويين السياسي والأكاديمي بقضايا المرأة عمومًا، وضمنها قضايا المراة المسلمة. وفي مقابل الاهتمام الأكاديمي المتزايد بدراسات المرأة المسلمة داخل الجامعات الغربية، غاب الاهتمام الأكاديمي النابع من الداخل الذي يواجه نفوذ هذه الدراسات ويتسم بالأصالة في ذاته وفي منهجه وموضوعاته. وقد كانت قضية المرأة في المجتمعات العربية أهم من أن تثار في سياق رد الفعل لاهتمامات خارجية، فهي قضية من الأهمية والمحورية بمكان، واعتمد منهج جمعية دراسات المراة والحضارة في مقاربتها على الانطلاق من النظر إليها كمدخل أساسي لقضية الإصلاح العامة.

في ضوء ذلك، فإن بناء منظور معرفي إسلامي لدراسات المرأة يحقق عددًا من الأغراض الاصلاحية على المستويين الاجتماعي والأكاديمي، من ذلك:

• إن تأسيس حقل لدراسات المرأة من الداخل الإسلامي هو مبادرة ايجابية في طريق مواجهة ما يطرحه حقل الدراسات المهتمة بالمرأة المسلمة في الغرب والذي يقدم قراءاته الخاصة عن تاريخ وواقع المرأة المسلمة، وهي قراءات تتأثر تلقائياً بمنظومته الفكرية وخلفيته الأيديولوجية التي تفرز منظورات ومناهج لا تُحقق شرط التكافؤ المنهاجي مع الظاهرة التي تدرسها.
  
  
• إن دراسات المرأة من الداخل الإسلامي من شأنها أن تقدم تصورات وعلاجات لمشكلات المرأة المسلمة بما يتفق وواقع هذه المرأة وترتيبها لأولوياتها، وبما يراعي حاجاتها الإنسانية اقتصادية واجتماعية وقانونية.. جنبًا إلى جنب مع حاجاتها الثقافية والفكرية.
  
  
• إذ تعتبر قضية المرأة قضية ثقافية بالأساس فهي ترتبط بمراجعات ضرورية في طريقة قراءتنا للأصول شاملة القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي بهذا تشكل فضاءً لإصلاح أساسي في فهمنا كمسلمين للدين وأصوله، وهو أمر يبدو شديد الإلحاح في المشهد الإسلامي المعاصر حيث اختلط الإسلام بالتقاليد والأعراف السائدة، وصار مرجعًا لكثير من السلوكيات الشاذة والمتطرفة التي تدّعي الدين، وصار بالتالي متهمًا بالمسئولية عن كثير من مظاهر الانحطاط التي يعايشها المسلمون ومنها وضع المرأة.
  
  
• سيعد حقل دراسات المرأة من منظور إسلامي مجالاً تطبيقيًا جيدًا لمسلك معرفي ومنهجي جديد، من شأنه إعادة ربط الباحث المسلم بأصوله التنظيرية على نحو سليم وإيجابي وفاعل. وذلك لأن مقاربة قضايا المرأة تتم عبر منظور حضاري يستلهم الخبرة المعرفية الإسلامية؛ أي خبرة نشأة وتكوين العلوم في ظل الحضارة الإسلامية، تلك الخبرة التي تميزت بالتأثر الكبير بفكرة التوحيد ، فجمع العلم بانسجام بين المادة والروح، وبين أبعاد الحياة الإنسانية المختلفة، بل جمع أبعاد الحياة الدنيوية والأخروية معًا، فكان علمًا غائياً ومنفتحًا ومرتبطا بالقيم القرآنية الأولية كالاستخلاف والعمران والإصلاح.